أكد أهمية استمرار الدعم الدولي للأونروا لضمان تقديم خدماتها الأساسية في مختلف مناطق عملها
شبكة يافا الاخبارية| شدد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليب لازاريني، اليوم الثلاثاء، على التزام "الأونروا" بتنفيذ تفويضها رغم التحديات، في ظل الضغوط السياسية المتزايدة والأوضاع الإنسانية المتدهورة في قطاع غزة والضفة الغربية.
وأكد لازاريني، في مداخلته أمام البعثات الرسمية للدول في الأمم المتحدة بجنيف، أهمية استمرار الدعم الدولي للأونروا لضمان تقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين في مختلف مناطق عملها.
وأشار إلى منع الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة منذ عشرة أيام، الأمر الذي أعاد الوضع إلى ما كان عليه في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مؤكدا أن هذا القرار يهدد حياة المدنيين الذين عانوا لأكثر من 16 شهرا من الحرب المستمرة.
وقال إن وقف إطلاق النار أثبت إمكانية وصول المساعدات الإنسانية، حيث ازدادت بنسبة عشرة أضعاف منذ بدء وقف لإطلاق النار وحتى الثاني من آذار الجاري، مشددا على ضرورة السماح بدخول المساعدات للحفاظ على التقدم المحقق في المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار وتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان.
وسلط لازاريني الضوء على تدهور الأوضاع في الضفة الغربية نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ ستة أسابيع، لا سيما في شمال الضفة، مشيرا إلى سياسات تفريغ الاحتلال لعدة مخيمات وتهجير حوالي 40,000 لاجئ فلسطيني، وهو أكبر نزوح للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ عام 1967.
كما أعرب عن قلقه إزاء عمليات الهدم واسعة النطاق التي شملت مناطق سكنية، ما يترك السكان دون مأوى للعودة إليه، مضيفا أن "الأونروا" تواصل تتبع النازحين وتقديم المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والرعاية الصحية والاحتياجات الأساسية.
وقال إن الوكالة في سوريا تستمر في تقديم الخدمات الصحية والتعليمية التي تعد حيوية لبقاء اللاجئين الفلسطينيين، وفي لبنان يعتمد اللاجئون الفلسطينيون على خدماتها.
وأكد لازاريني أن قرارات الكنيست الإسرائيلية لا تستهدف "الأونروا" فقط، بل تشمل أي فرد أو منظمة يدعون إلى الالتزام بالقانون الإنساني الدولي أو يدافعون عن حقوق الفلسطينيين، موضحا أن العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية مستهدفة والهدف هو إسكاتها.
وأشار الى الجهود المتزايدة في إسرائيل لتقييد عمل المنظمات الدولية عبر إجراءات تشريعية، مبينا أن "الأونروا" واجهت تحديات تشغيلية خطيرة منذ دخول التشريعات المناهضة لها حيز التنفيذ في كانون الثاني/ يناير الماضي، وأن الوكالة تتعرض لضغوط متزايدة من بلدية الاحتلال في القدس لإخلاء مقارها وإنهاء تقديم خدماتها في القدس الشرقية المحتلة، كما رفض الاحتلال تجديد تأشيرات الموظفين الدوليين التابعين للوكالة من الضفة الغربية. وفي غزة، لا تزال بعض فرق "الأونروا" الدولية موجودة، لكن إسرائيل ترفض تسهيل دخولها أو خروجها عبر معبر كرم أبو سالم، ما يزيد من تعقيد عمليات الوكالة في القطاع.
واستعرض لازاريني بعض الإنجازات التي حققتها الوكالة منذ بدء وقف إطلاق النار في غزة، منها: تقديم مساعدات غذائية لنحو مليوني شخص، وفتح ما يقارب 40 ملجأ طارئا جديدا، وتوفير أكثر من 60,000 خيمة لإيواء النازحين، ودعم حملة تطعيم ضد شلل الأطفال، استفاد منها حوالي 200,000 طفل دون سن العاشرة، وتوفير التعليم لنحو 250,000 طفل من خلال التعلم عن بعد، حيث يواصل 70% منهم الآن دراستهم عبر منصة رقمية، فيما تواصل الوكالة في الضفة الغربية تقديم التعليم لنحو 50,000 طفل، بالإضافة إلى توفير الخدمات الصحية لمئات الآلاف من اللاجئين.
وحذر لازاريني من خطورة الحملة التضليلية المستمرة التي تصور "الأونروا" كمنظمة إرهابية وتتهم موظفيها بدعم الإرهاب، وأكد أن مواجهة هذه المزاعم تتطلب تدقيقا صحفيا محايدا يستند إلى الحقائق والمصادر الرسمية، مشيرا إلى أن غياب وسائل الإعلام الدولية المستقلة عن غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 أدى إلى تفاقم هذه الحملة التضليلية.
وأكد أن الوضع المالي للأونروا حرج للغاية، وأن الحاجة ملحة إلى دعم مالي إضافي لضمان استمرار عمليات الوكالة، مشددا على أن استمرار "الأونروا" لم يعد خياراً تقليدياً، إذ يجب اتخاذ قرارات حاسمة بشأن مستقبلها.
وطرح لارازيني سيناريوهين رئيسيين: الأول وهو انهيار الوكالة نتيجة لحملة التضليل والتشريعات الإسرائيلية ووقف التمويل من الدول المانحة، ما سيخلق فراغا خطيرا في الأرض الفلسطينية المحتلة وستكون له ارتدادات صادمة، والثاني هو دعم "الأونروا" لمواصلة تقديم خدماتها بشكل تدريجي حتى يتم التوصل إلى حل سياسي شامل.
وأشار إلى أن تفكيك "الأونروا" لن يؤدي إلى إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، حاثا الدول على استمرار دعمها، مؤكدا أن دور الوكالة هو الاستمرار في تقديم الخدمات وايصال المساعدات الإنسانية.
بدوره، شدد المراقب الدائم لدولة فلسطين في جنيف إبراهيم خريشي على الدور المحوري الذي تلعبه "الأونروا" في دعم اللاجئين الفلسطينيين، مشيرا إلى أنها ليست مجرد وكالة إغاثة، بل جزء من تاريخ الشعب الفلسطيني.
وانتقد خريشي إخفاق المجتمع الدولي في إلزام إسرائيل باحترام اتفاقيات جنيف، وخاصة المادة 4 المتعلقة بحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، موضحا أنه رغم الجهود المبذولة، لم يتمكن المجتمع الدولي من عقد اجتماع للدول الأطراف السامية لاتفاقيات جنيف لفرض التزامات قانونية على الاحتلال.
وأشاد بالدور النرويجي في إحالة قضية مسؤوليات دولة الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية بشأن انتهاك إسرائيل للقانون الدولي عندما تمنع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية والدول من تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين تحت الاحتلال.
وأكد ضرورة تأكيد وحماية قرار الأمم المتحدة رقم 194، الذي ينص على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، مشيرا إلى أن السياسات الإسرائيلية تهدف إلى إلغاء هذا الحق وفرض واقع جديد على الأرض.
وأدان خريشي بشدة قرار الاحتلال قطع الكهرباء عن قطاع غزة، واصفا ذلك بأنه عمل يرقى إلى جريمة إبادة جماعية، مشيرا إلى أن محكمة العدل الدولية أصدرت بالفعل ثلاثة تدابير مؤقتة ضد إسرائيل، لكن الاحتلال يواصل انتهاك قرارات المحكمة دون أي محاسبة دولية.
وقال إن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي ترفض الالتزام بواجباتها القانونية الدولية، دون أي عواقب، مؤكدا أنه يجب على المجتمع الدولي أن يزيد الضغط على القوة القائمة بالاحتلال لوقف انتهاكاتها، وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وضمان عدم الإفلات من العقاب.
وحضر الاجتماع ممثلون عن عشرات الدول والمنظمات الدولية، الذين عبروا عن دعمهم للأونروا ورفضهم للمحاولات الإسرائيلية لتقويض عملها، مؤكدين أن الوكالة تلعب دورا أساسيا في تقديم الخدمات لملايين اللاجئين الفلسطينيين.
وأجمع المتحدثون على أن استمرار عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، وطالبوا إسرائيل باحترام التزاماتها، مشيرين إلى أن وقف تمويل "الأونروا" أو إضعافها سيؤدي إلى فراغ إنساني خطير وزيادة عدم الاستقرار في المنطقة.
وأكدت عدة دول، من بينها ألمانيا وكندا والصين وروسيا وفرنسا، أهمية ضمان استدامة تمويل "الأونروا"، حيث أعلنت العديد من الدول عن مساهمات مالية إضافية مثل سنغافورة، فيما شددت أخرى على ضرورة تكثيف الضغوط الدبلوماسية على إسرائيل لوقف انتهاكاتها، كما أعربت بعض الدول عن قلقها من حملات التضليل الإعلامي التي تستهدف الوكالة.
كذلك، أجمع المشاركون على ضرورة استمرار دعم وكالة "الأونروا" إلى حين التوصل إلى حل سياسي عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
ومن أبرز الدول التي حضرت الاجتماع: الأردن، البرازيل، التشيك، المملكة المتحدة، العراق، لوكسمبورغ، موناكو، إيران، فرنسا، فنلندا، ايرلندا، مصر، الصومال، تونس، الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، باكستان، إسبانيا، سوريا، لبنان، الصين، السودان، سلوفينيا، الجبل الأسود، تايلاند، قطر، فرسان مالطا، الدنمارك، مالطا، ألمانيا، كندا، الجزائر، تركيا، المكسيك، سنغافورة، اذربيجان، الاتحاد الأوروبي، ماليزيا، روسيا، سويسرا، إيطاليا، البرتغال، سلطنة عُمان، الفلبين، فنزويلا، اليابان، أستراليا، أوغندا، بوليفيا، مولدوفا، آيسلندا، النرويج، كينيا، بولندا، المغرب، بروناي، كولومبيا، قبرص، اليونان، ليخنشتاين، سواتيني، مينامار، جنوب افريقيا، اندونيسيا، هولندا، كرواتيا صربيا، الكويت، السويد، بالإضافة إلى منظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية.